علاقة المسلمين بغيرهم علاقة تعارف وتعاون وبر وعدل واحترام متبادل من
مقتضات هذه العلاقة تبادل المصالح والتعاون على المصلحة المشتركة وتقوية
الصلات الإنسانية وخدمة الوطن جنبا بجنب ويقول تعالى ( يا ايها الناس انا
خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا ان اكرمكم عند الله
اتقاكم ان الله عليم خبير ) لهذا قرر الاسلام المساواة بين المسلمين وغيرهم
فلهم ما لهم المسلمين وعليهم ما عليهم . وكفل لهم حريتهم الدينية في ما
يلي : اولا – عدم اكراه احد منهم على ترك دينه او اكراهه على عقيدة معينه
ويقول تعالى في هذا : ( لا اكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي فمن يكفر
بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها والله سميع
عليم )
ثانيا – من حق اهل الكتاب ان يمارسوا شعائر دينهم وصلواتهم ويقول الرسول
عليه الصلاة والسلام في هذا : اتركوهم وما يدونون . ثالثا – حفظ الاسلام
كرامتهم وصان حقوقهم وجعل لهم الحرية في الجدل والمناقشة في حدود المنطق
والعقل مع التزام الادب والبعد عن الخشونة والعنف . ويقول تعالى في هذا (
ولا تجادلوا اهل الكتاب الا بالتي هي احسن الا الذين ظلموا منهم وقولوا
آمنا بالذي انزل الينا وانزل اليكم وإلهنا والهكم واحد ونحن له مسلمون ) .
رابعا – احل الاسلام طعامهم والاكل من ذبائحهم بقوله تعالى ( اليوم احل لكم
الطيبات وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم ) .
خامسا – اباح الاسلام زيارتهم وعيادة مرضاهم وتقديم الهدايا لهم ومبادلتهم
البيع والشراء ونحو ذالك من المعاملات الحسنه والمثال على ذالك كان بعض
صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا ذبح احدهم شاه يقول لخادمة ابدا
بجارنا اليهودي ومنهم عمر ابن العاص رضي الله عنه فهذه هي علاقة المسلمين
بغيرهم ولا تتبدل هذه العلاقة الا اذا عمل غير المسلمين من جانبهم على
تمزيق هذه العلاقة فتكون المقاطعة امرا دينيا واجتماعيا فتكون المعاملة
بالمثل . فمن هذه النصوص نرى ان علاقة المسلمين بغيرهم علاقة متبادلة
فالاسلام يفرض على المسلمين ان يحترموا الانسان من حيث هو انسان بقطع النظر
عن جنسه ولونه ودينه او حتى مركزه الاجتماعي ويقول تعالى في هذا (ولقد
كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم ممن
خلقنا تفضيلا). من مظاهر هذا التكريم ان الله تعالى خلق الإنسان بيده ونفخ
فيه الروح واسجد له الملائكة وسخر له ما في السماوات والارض جميعا وجعله
سيدا على هذا الكوكب الارضي استخلفه فيه ليقوم بالاعمار والاصلاح والدعوة
الى الله لاجل ان يكون هذا التكريم حقيقة واقعة وطريقا في الحياة. لهذا ضمن
الاسلام جميع حقوق الانسان وحفظ وصان هذه الحقوق سواء كانت دينية ام مدنية
او اجتماعية او سياسية فهذا هو ديننا وهذا هو ما علّمنا اياه رسول الله
صلى الله عليه وسلم . ونحن كعرب ومسلمين تربطنا الروابط الانسانية والدينية
والوطنية نحن ابناء شعب واحد ووطن واحد وقضية واحده وهذا يحتّم علينا ان
تكون العلاقة علاقة اخوة وصداقة واحسان وشراكه في المصالح الوطنية وغيرها
بقوله تعالى (وقولوا للناس حسنا) وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم "خير
الناس انفعهم للناس" نسال الله ان يجعلنا جميعا من المحسنين.